الشعر على ضِفاف الأندلس وفي أزقتها:
نظم الأندلسيون الشعر في الأغراض التقليدية كالغزل والمجون والزهد والتصوف والمدح والهجاء والرثاء، وقد طوروا موضوع الرثاء فأوجدوا رثاء المدن والممالك الزائلة وتأثروا بأحداث العصر السياسية فنظموا شعر الاستغاثة والاستنجاد بالرسول وكبار الصحابة ونظم العلوم والفنون والشعر الفلسفي، وتوسعوا في وصف البيئة الأندلسية، واستحدثوا فن الموشحات والأزجال. وامتازت معانيه وأفكاره بالوضوح والبساطة والبعد عن التعقيد والتلميح إلى الوقائع التاريخية ولاسيما في رثاء الممالك الزائلة؛ بينما كانت ألفاظه وعباراته واضحة وسهلة وفيه معانٍ من الرقة والعذوبة وتجنب الغريب من الألفاظ مع الاهتمام بالصنعة اللفظية. واستمد تصويره وخياله من البيئة الأندلسية الغنية بمظاهر الجمال الطبيعي وتزاحم الصور. وفيما يخص الأوزان والقوافي، فقد التزموا بوحدة الأوزان والقوافي بدايةً، ثم ابتدعوا أوزانًا جديدة لانتشار الغناء في مجالسهم ونوعوا في القوافي، ومن بينها ظهرت الموشحات. من أشهر شعراء العصر الأندلسي: ابن زيدون وابن حزم وابن خفاجةوالمعتمد بن عباد وابن عبد ربه وابن هانئ الأندلسي وابن سهل الأندلسي والرصافي البلنسي.
أشهر شعراء الأندلس:
أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي المعروف بـابن زيدون (394هـ/1003م في قرطبة - أول رجب 463 هـ/5 أبريل 1071 م) وزير وكاتب وشاعر أندلسي.
من قصائده: هواي وإن تناءت عنك داري:
هَوايَ وَإِن تَناءَت عَنكَ داري
كَمِثلِ هَوايَ في حالِ الجِوارِ
مُقيمٌ لا تُغَيِّرُهُ عَوادٍ
تُباعِدُ بَينَ أَحيانِ المَزارِ
رَأَيتُكَ قُلتَ إِنَّ الوَصلَ بَدرٌ
مَتى خَلَتِ البُدورُ مِنَ السِرارِ
وَرابَكَ أَنَّني جَلدٌ صَبورٌ
وَكَم صَبرٍ يَكونُ عَنِ اِصطِبارِ
وَلَم أَهجُر لِعَتبٍ غَيرَ أَنّي
أَضَرَّت بي مُعاقَرَةُ العُقارِ
وَأَنَّ الخَمرَ لَيسَ لَها خُمارٌ
تُبَرَّحُ بي فَكَيفَ مَعَ الخُمارِ
وَهَل أَنسى لَدَيكَ نَعيمَ عَيشٍ
كَوَشيِ الخَدِّ طُرِّزَ بِالعِذارِ
وَساعاتٍ يَجولُ اللَهوُ فيها
مَجالَ الطَلِّ في حَدَقِ البَهارِ
وَإِن يَكُ قَرَّ عَنكَ اليَومَ جِسمي
فُديتَ فَما لِقَلبِيَ مِن قَرارِ
وَكُنتَ عَلى البِعادِ أَجَلَّ عِلقٍ
لَدَيَّ فَكَيفَ إِذ أَصبَحتَ جاري
_________________________________________________________________________________
العمارة في الأندلس :
كانت الأندلس قبل الفتح الإسلامي الأقل عمارة عن سائر الممالك الأوروپية، وإن كانت تحفل بكثير من آثار العمارة التي تعود لحضارات مختلفة، وكانت لها وظائف عدة كالدينية في حالة المعابد، والدفاعية كالقلاع والحصون، والمدنية كالقصور والمسارح والقناطر. وبعد الفتح، صبغ المسلمون مدنهم بطابع إسلامي مميز، وذلك بإقامة المساجد التي تُعد نواة لعمارة المدن وتمددها سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، حيث كان يشهد عقد الاجتماعات السياسية وتوزيع ألوية الجيش وتدريس العلوم الدينية والعلوم العامة. وكان يتفرع منه الطرق الكبيرة المؤدية إلى أبواب المدينة ومنها الشوارع والأزقة الموصلة للأحياء، وتُقام حول ساحته الأسواق والحمامات والفنادق والقيساريات. ونظم المسلمون المدن التي أقاموا بها وفق الأسلوب المشرقي بشوارع ضيقة ذات محاور متكسرة درءًا للشمس وحماية للسكان، واتخذوا شكلًا مميزًا في بناء قصورهم، فقد جعلوا في المسكن صحنًا يتوسطه بركة ماء، وعلى جانبها الأزهار والأشجار، وتقوم بعض طنوف الطبقة الثانية من البناء على عمد من الرخام وغيره، والدور طبقتان فقط طبقة سفلية للصيف والطبقة العلوية للشتاء ويدخل إلى الدار من دهليز. كان بناء الأندلسيين بالآجر والحجر، وكان الحجر ينقسم إلى الحموي والأحمر والأبيض، وكانوا ينحتون السواري والعمد من مقالعهم على الأغلب.
اشتهرت الأندلس بالمنشآت المعمارية ذات الشأن، وانقسمت الحقبة إلى ثلاثة مراحل معمارية، شملت المرحلة الأولى جامع قرطبة، الذي تم بناءه في القرن الثاني للهجرة\الثامن الميلادي، جنبًا إلى جنب مع بعض مبانِ طليطلة؛ فيما شملت المرحلة الوسطى منارة إشبيلية، التي أنشأها الموحدون في القرن السادس للهجرة\ الثاني عشر الميلادي وقصر المعتمد؛ بينما اشتملت الثالثة على قصر الحمراء في غرناطة، الذي شُيد في القرن الثامن للهجرة\الرابع عشر الميلادي، وكان بمثابة عنوان صريحًا لما انتهت إليه العمارة الأندلسية، وبدوره، يرى گوستاڤ لوبون أنها تدل باختلاف طرزهما على أصالتها العربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق